بسم الله
السّلام عليكم
قصص قصيرة جداً
د مسلك ميمون
(11)
..................................
خرجَ متسللا قبل طلوع
الشّمس، يَتحامل على المَشي، معتمداً عصاه بِتؤدة ،جلس عندَ قبرها ، كان حزيناً .
جال ببصره في العَتمة. القُبور شَواهد مُنتصبة . شَعر بقشعريرةٍ ، وصوتٍ أجَشّ يُخاطبه
:
ـ أسَتبقى تَزورُ قبرَها
كلّ صباح ؟
ردّ على الحارس بِصوت
مُتهدّج :
ـ ألفتُ إيقاظها لِصلاة الصّبح .
ـ لكنّها ماتت .. !؟
ـ حقاً .. و لكنّني
ما زلتُ حيا .
ــ
................. !؟
v
(12)
.................................
أراد سائقاَ
للأسرة و ألحّ في الطّلب .
ــ حَظكَ منَ السّماء. هذا سائقُ سيارةِ أُجرة في كَزابلانكا
.
سيرته وردٌ وفُل ، و أَوراقُه جاهزة ..
اقْتحَمهُ بِعينين كبيرتَين مُحمرّتين :
ــ لا أُريدُ
عربياً ، أريدُ بَنغاليا .
ــ لماذا بنغالياً بالضَّبط ؟ !
ـ عندي حُرمة و بَنات يا رَجل ! " خلّ عِندك نَظر !"
ــ .....................؟
v
(13)
...................................
صباحَ مساء مع الهاتف
،. الفاتورة أثقلت كاهل الزوج . بعد الخصام المائة ، لم يعد يناقشها في مكالماتها
التي لا تنتهي . لكنّه اليوم اندهش،رآها
قد ركّبت رقماً، بعد سبع دقائق من الكلام، قطعت الخط . قال لها من بعيد :
ــ هذا أحسن، لم تطيلي
هذه المرّة .
نظرته شزراً وعقّبت :
ــ لقد أخطأت في الرقم .
v
(14)
..............................
حين قدمته إلى أبيها كصديق قديم في الكلية ؛ استبشر خَيراً،
رحّب به موظفاً في الشّركة .
فرح بالمنصب، بعد بطالة مقذعة. و أثنى كثيراً على زميلة
الدّراسة .
بعد أشهر قليلة ، ألحّت أمّه على زواجه من بنت خالته.
طلب رخصة من أجل الخطوبة . فامتدت الرخصة إلى الأبد!
v
(15)
............................
حين غادر الحانة، لم يَبق في جيبه شيء .
كان الشّارع أمامه كائناً خرافياً، يتراقص متماهياً
رخواً ..
في البيت،التفت البنات خائفات جائعات.. أمّهن كانت في
حسرة تتميز غيظاً.
أدار المفتاح بصعوبة ، اندلق ما في بطنه كريهاً عند
الباب . تطلعتْ إليه عيون صغيرة في رعب ..
ضحك ضحكة داعرة، ثمّ زعق كطفل غرير : ''ها نا جيـيـيـيـــت....
"
v
(16)
......................................
كانت المكتبة زاخرة بأمهات الكتب. سلّمتها فنجان قهوة ،
لم تتكلم ، تابعت اندهاشها بفرح غامر، كانت عيناها كعيني طفل أدخِل غرفة من اللّعب
..
ــ هل قرأتِ كلّ هذه الكتب ؟
ــ ........................... !!
ـــ ترى مَن كاتبك المفضل ؟
ــ زوجــــــــي ..
ـــ رائع ! هل هو كاتب قصّة؟
ــ لا .. يكتب
شيكات .
ـــ ...........................؟ !
v
(17)
.....................................
لأنّه
لغويّ متمرّس، سألته:
ــ هل الشّبيحة من الشَّبح ؟
اضطرب، سعل، همهم ، ظننته لن
يجيب..لكنّه أفصح :
ــ في "اللّسان" ، ''الشَّبح
ُ: ما ظهر لك شخصه من النّاس .. و الجمع أشباح و شُبوح .
و شَبَحَه
يَشْبَحُه: مَدَّه ليجلده .''
ــ واوْ ... وجدتها.. وجدتها ...!!
اندهش مضطرباً
،التفت مرتعباً، تلعثم مرتبكاً... :
ــ مَن الشّبيحة يا رجل؟! هذا من حوشي الأنام ، أقصد من حوشي الكلام، لفظ غريب ليس في "
اللّسـان" !!
ـــ
............................................؟!
v
(18)
.........................................
كان
البدر ينشر ضياءه .ذكّرها بذكرى اللّقاء الأوّل ..رأته جالساً وحده، اقتربت منه ،انثنت بدلال، سألته بشغف :
عزيزي
... بماذا يذكرك البدر ؟
كان
شارداً ،لم يهتم بالسّؤال ، لكن حين ألحّت ، قال :
...من
الوجهة الأسترونوميكية:قطعة من الأرض انفصلت عنها،لكن الجاذبية جعلتها تابعة
...أمّا
من الناحية الأسترولوجيكية: الشّهر القمري ،يختلف عن الشّهر الشّمسي ...
...
أمّا إن شئت الرؤية التيولوجيكية : فإننا نصوم لرؤيته حين يكون هلالا .
...
أمّا المسألة المتيورولوجيكية ....
قبل
أن يتمّ ،التفتَ ،لم يجدها ...
v
(19)
.................................
ينتفضُ في الشّركة كالفقمة
المكتنزة.. منتفخ الأوداج ، عيناه محمرتان يتطاير منهما الشّرر....لا يكفّ عن
الصّراخ في وجه العمّال...راغياً مزبداً ، قلقاً متوتراً .. يتحاشاه الجميع
خوفاً.
مساءً ،يأوي إلى امرأة ضئيلة متجهمة ، في سنه أو أقلّ قليلا
.. ينتهي إليه زعيقها منفراً مجلجلا.. يتحاشاها دوماً ،ملاطفاً مستكيناً
،تصرخ في وجهه غاضبة. ،فلا يُسمَعُ صوتُه إلا هَمساً... !!
v
(20)
...............
ظلّت كاظمةً
غَيظها،تَنظره بتأفّف.. كان لاهياً لا يَدري، مَشدوداً، مَشدوهاً، شارداً...
في الصّباح،كالعادة
يتناول فطورَه أمَامه .عندَ الظّهر،يجلسُ إليه و يكتفي بشطيرة.في المغرب و إلى وقت
مُتأخر، يَتفقد بَريده، و جُملة من المَواقع...
لكنْ
هـذا الصّباح،لمْ يَجده. أطلّ مِن الشّرفة ؛ وجده أجزاءً متناثرة .
ملحوظة: لا أضع عناوين لقصصي القصيرة جدا و أترك ذلك
لنباهة القارئ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق